مقالاتمنشورات وإصدارات

الصراع في السودان وأثره على انتشار نشاط الجماعات الإرهابية

د. أسامة خالد – باحث في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، مهتم بقضايا التطرف والإرهاب الدولي.

لم تغب دولة السودان عن خارطة جيوبولتيك انتشار نشاط الجماعات الإرهابية (تنظيمي القاعدة، وداعش) منذ عشرات السنوات، وكيف لا وان السودان في فترة 1991 -1996كان بيئة حاضنة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لان هذه الفترة كانت كفيلة في إيجاد اتباع لزعيم تنظيم القاعدة حتى بعد رحيله الى أفغانستان بسبب ظروف سياسية فرضت على السودان في ذلك الوقت.

ما يهمنا الان وبعد عشرات السنوات من الرحيل كان ومازال السودان في وجدان الجماعات الإرهابية سواء من الناحية الفكرية من خلال منشورات تنظيم القاعدة و التي كانت من خلال احد منظري التنظيم والذي كان حارس أسامة بن لادن وما زال على قيد الحياة في اليمن وهو خبيب السوداني “إبراهيم احمد القوصي” الذي ما زال الى وقتنا الحاضر يحرض أبناء السودان للانضمام الى التنظيم والعمل على مواجهة الحكومة القائمة و خاصة بعد سقوط نظام البشير ، واحتدام الصراع بين المؤسسة العسكرية والقوى المدنية.

الامر لم يقتصر على تنظيم القاعدة في استثمار صراع السودان لأهداف استراتيجية تخدم مصالح تنظيم القاعدة بل ان تنظيم داعش هو الاخر لم يخفي تطلعاته لإيجاد موطن قدم في السودان مع العلم ان الذين هاجروا من السودان الى العراق و سوريا وليبيا بلغ 70  شخصا ، الامر الذي يعزز فرضية انضام افراد للتنظيم في ذروة الاحداث التي تعيشها السودان الان ، من هذا المنطلق، نشير الى ان الصراع العسكري الذي يعيشه السودان يمكن ان يوجد ظروفا تعيد السودان ليشكل منطلقا لتهديدات إرهابية سواء على الصعيد الداخلي او للدول المجاورة.

منذ اندلاع الصراع كثف تنظيم داعش منشوراته الرقمية استنادا لضرورة استثمار احداث السودان والعمل على تنشيط الخلايا و البدء بتنفيذ العمليات ضد المتحاربين بهدف السيطرة على مواقع جغرافية يمكن ان تكون بداية وجود فعلي على الأرض ، الجدير بالذكر ان حدود السودان الممتدة والتي تتشابك مع دول يوجد فيها فروع لتنظيمي القاعدة وداعش ومنها حركة الشباب الصومالية، بالإضافة الى تنظيم داعش في تشاد و الكونغو الديمقراطية ، أيضا تنظيم داعش في غرب افريقيا ، كما أنه يمكن ان تستغل جماعات العنف والتطرف الموجودة في أفريقيا الفراغ الاستراتيجي في ظل الصراع الحالي في الانتشار وإعادة تمركزها داخل السودان، وقد تتحول السودان إلى مصدر خطر حقيقي للإرهاب في المنطقة بأكملها، فتكون أفغانستانًا جديدة بعد أن تتجمع فيها التنظيمات المتطرفة.

هذه المعطيات تشير ان السودان في ظل ظروفه الحالية سيكون منفذا وبيئة استقطاب للجماعات الإرهابية الامر الذي سيزيد من مجمل التهديدات الأمنية العابرة للدول سواءا على المستوى الداخلي او الإقليمي،  مما يساعد في تكون مجموعات قادرة على تنفيذ هجمات كحرب العصابات وهذا يدلل على ضعف البيئة الأمنية التي تعيشها السودان في احد اهم مراحل الصراع الدائر الان.

مؤشرات إرهابية سابقة

شهد السودان خلال السنوات العشر الأخيرة محاولات جماعات إرهابية لتنفيذ اجنداتها والعمل إيجاد موطن قدم لها تتمثل في:

  • عام 2012 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على خلية “الدندر”، وهي تعمل على سفر مقاتليها إلى الصومال وليبيا والعراق وسوريا ومالي.
  • في سبتمبر 2021 كانت هناك معلومات لوجود خلية تابعة لتنظيم داعش في ضاحية جبرة، جنوب الخرطوم 4مما أدى الى اشتباك مسلح معها اسفرت عن مقتل 4 عناصر من تنظيم داعش، رجلين وامرأتين من جنسية مصرية، ضمن 4 خلايا للتنظيم في “جبرة”.

  رؤيا مستقبلية لمألات نشاط الجماعات الإرهابية في السودان:

تشير المعطيات التي تم ذكرها سابقا الى جملة من السيناريوهات المتوقعة من خلال:

السيناريو الأول:

احتدام التنافس الرقمي بين تنظيمي القاعدة وداعش من خلال تكثيف الحملات الرقمية بهدف التجنيد والاستقطاب داخل السودان لتكوين خلايا تكون قادرة على تنفيذ عمليات في العمق الاستراتيجي للدولة.

السيناريو الثاني:

عامل الموارد الطبيعية في السودان والاهم الذهب الذي سيزيد من أطماع الجماعات الإرهابية كونه عاملا للتمويل والذي يشكل بعدا اقتصاديا هاما للجماعات الإرهابية، الامر الذي سيساهم بضرورة السيطرة على الأرض للاستفادة من عامل الوقت.

السيناريو الثالث:

الهجرة العكسية بمعنى انتقال عناصر من التنظيمين من خارج السودان مثلا من اليمن وتشاد وليبيا الى الداخل السوداني وقد يكون ذلك من خلال البر او البحر، الامر الذي سيشكل خطرا امنيا كون العناصر غير معروفة للأجهزة الأمنية.

 خلاصة:

تشكل البيئة الغير مستقرة امنيا بعدا هاما للجماعات الإرهابية من حيث استثمار هذا الضعف الأمني الذي بدوره يعطي مساحة إيجابية لانتشار نشاط الجماعات الإرهابية وخاصة ان افريقيا في هذا الوقت تعيش ازديادا في العمليات الإرهابية في أماكن وجود هذا الجماعات بالتزامن مع انتشار ترويج الأسلحة من خلال الحدود وأيضا النازحين من هذا الصراع هم في دائرة التجنيد والاستقطاب لدى هذه الجماعات.

 

 

مقالات ذات صلة