الصفقات السعودية تتصدر أجندة بايدن ونتنياهو في نيويورك
ترجمة الدكتور عوض سليمية
تحت هذا العنوان كتب الباحث David Makovsky في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى بتاريخ 19 سبتمبر 2023.
الملخص
الصفقة الكبرى التي يبحث عنها بايدن لتطبيع العلاقات بين اسرائيل والعربية السعودية لا يمكن ان تتم دون ان يكون “مكون فلسطيني” حاضر، محوره قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل ومفاعل نووي سلمي السعودي. وهناك عدة اسباب تدفع باتجاه فشل هذه الصفقة، من بينها: انهيار تحالف حكومة نتنياهو في حال موافقته على بنود الصفقة. الشكوك في قدرة الرئيس بايدن على حشد اعضاء الكونجرس من الجمهوريين لدعم الصفقة اذ لا يمكن لهم منحه ورقة انتخابية رابحة. بالمقابل يرفض الحزب الديموقراطي نفسه منح نتنياهو جائزة في الوقت الذي يقوم فيه بتقويض اركان ديموقراطية دولة اسرائيل. وبالتالي فإن البحث في الخيارات البديله سيكون مطروح ايضاً من بينها احتمال مقايضة الصفقة الامريكية -السعودية بالمكون الفلسطيني مقابل صفقة امريكية-اسرائيلية، قائمة على اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين على غرار اليابان وكوريا الجنوبية. وهو امر تعارضه اصلاً المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باعتباره يقيد إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
يوم 20 سبتمبر/أيلول، سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وسيكون محور هذا الاجتماع من بين امور اخرى، مناقشة الجهود المشتركة للبيت الأبيض لصياغة معاهدة دفاع أمريكية سعودية والتطبيع الإسرائيلي السعودي. وهنا تكثر الأسئلة حول جدوى هذه ‘الصفقة الضخمة’ الناشئة، سواء كانت تتعلق بمطالب سعودية محددة، أو الواقع السياسي في إسرائيل، أو التحدي المتمثل في تمرير مثل هذه المبادرات في مجلس الشيوخ الأمريكي.
ان تحديد ‘مكون مهم’ للفلسطينيين هو قلب الصفقة. يقول Makovsky، في 15 أيلول/سبتمبر، أشار وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن إلى أن “التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية سيكون حدثاً تحويلياً في الشرق الأوسط وخارجه”. ومع ذلك، أضاف الوزير أن أي اختراق من هذا القبيل يجب أن يكون له بعد فلسطيني كبير: “لا يمكن أن يكون ولن يكون بديلاً عن قيام إسرائيل والفلسطينيين أيضًا بحل خلافاتهم، وفي الواقع، في رأينا، الاستمرار في التحرك نحو حل الدولتين وتحقيقه في نهاية المطاف. ومن الواضح من محادثاتي الخاصة، على سبيل المثال، مع القيادة السعودية أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية عندما يتعلق الأمر بالتطبيع يجب أن يتضمن عنصرًا مهمًا للفلسطينيين”. يقول بلينكن.
ويتسائل الكاتب، عن طبيعة هذا “المكون المهم” وكيف سيبدو؟ في الوقت الذي يقول فيه المسؤولون الإسرائيليون في أحاديثهم الخاصة إن أي مطالبة بنقل ملكية الأراضي في الضفة الغربية يمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومة، وبالتالي لا ينبغي النظر فيها. ويعتقد Makovsky، بأن هناك شكوك جدية حول ما إذا كانت حكومة نتنياهو قادرة على تقديم التزامات صريحة بحل الدولتين. على الرغم من شعور المسؤولون السعوديون والأمريكيون أنهم لا يستطيعون ترك هذه الفرصة تمر هكذا، لأن جاذبية الصفقة مع الرياض تمنحهم نفوذًا نادرًا على القضية الفلسطينية لن يتكرر بسهولة في المستقبل.
ويتابع، يعترف المسؤولون المقربون من نتنياهو بأن بلينكن على حق، ولا يمكن تجنب وجود مكون فلسطيني في الصفقة، إذ لا يمكن أن يُنظر إلى الرياض في العالمين العربي والإسلامي على أنها لا تهتم بالقضية الفلسطينية. ومع ذلك، هناك شكوك جدية في قدرة الحكومة الإسرائيلية الحالية على تقديم التنازلات اللازمة بشأن القضية الفلسطينية والبقاء على حالها. سيحتاج بايدن ونتنياهو إلى تحديد ما إذا كانت هناك أرضية وسطية قابلة للتطبيق، أو، إذا لم يكن الأمر كذلك، ما إذا كان رئيس الوزراء بحاجة إلى النظر في التغيير السياسي في الداخل لتحقيق انفراجة.
القدرة النووية المدنية السعودية من بين الأجزاء الأخرى التي تم الإبلاغ عنها من ضمن بنود الصفقة الضخمة – قيام المملكة العربية السعودية بتطوير برنامج نووي مدني، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم المحلي تحت إشراف الولايات المتحدة، يقول الباحث. ان من شأن الموافقه على هذا البند أن يشكل خطوة إلى الوراء في الموقف الأميركي التقليدي المتمثل في منع انتشار قدرات التخصيب من خلال إدراج أحكام ‘المعيار الذهبي’ في اتفاقيات التعاون النووي – في الواقع، فإن بلدان أخرى في الشرق الأوسط سوف تستشهد به بلا شك كسابقة عندما تدعي حقوقهم الخاصة في الامتلاك.
ويجادل الباحث، بان العديد من الخبراء يشعرون بالقلق فيما لو اقدمت المملكة العربية السعودية على طرد المراقبين الأجانب وقامت بتحويل منشآتها النووية المدنية إلى منشآت عسكرية. ويمكن لمثل هذه التطورات مجتمعة أن تغذي سباق تسلح إقليمي، والذي تم تجنبه حتى الآن على الرغم من التخصيب الإيراني. وفي حين تبدو دائرة نتنياهو غير مهتمة نسبيا بهذا الامر، إلا أن المهنيين في مجتمع الأمن القومي الإسرائيلي قد دقوا ناقوس الخطر.
وفقاً للباحث، فإن نتنياهو يعتقد أن معاهدة دفاعية مع واشنطن من شأنها أن تردع إيران عن مهاجمة إسرائيل، وأن مثل هذا النوع من الاتفاق يؤطر على أنه رفيق لمعاهدة دفاع أمريكية سعودية محتملة. تقليديا، عارضت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مثل هذه المعاهدة على أساس أنها يمكن أن تقيد أيدي إسرائيل من حيث الدفاع عن النفس، لكن اتفاقا يركز بشكل ضيق على التهديدات غير التقليدية والوجودية يمكن أن يشكل كيفية رد فعل المؤسسة. ومع ذلك، أعرب مسؤولون في إدارة بايدن عن قلقهم من أن محادثات المعاهدة ستصرف الانتباه عن العملية المعقدة بالفعل للتفاوض على الصفقة الضخمة.
ويرى Makovsky أن الزعيم السعودي الفعلي ولي عهد محمد بن سلمان يسعى إلى إبرام معاهدة دفاع رسمية مع الولايات المتحدة، تتضمن التزاما بالدفاع المشترك إذا تعرض أي من الطرفين للهجوم، على غرار المعاهدات الأمريكية مع اليابان وكوريا الجنوبية. ويتطلب مثل هذا الاتفاق تصويت أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ (أي سبعة وستين صوتا) – وهو رقم من شأنه أن يستلزم ائتلافا واسعا من الحزبين، والذي أصبح مهمة صعبة في المناخ الحالي من الاستقطاب العميق القائم بين الحزبين الكبيرين. هذا الموقف الحرج، يحتاج الى جهود كبيرة من قبل الرئيس بايدن وادارته لتسويق فوائد الصفقة الأوسع للولايات المتحدة، بما فيها تهميش الصين في الشرق الأوسط، وتمكين تنسيق أكبر بشأن أسعار النفط، وتعزيز التحالف ضد إيران، وتسهيل التطبيع الإسرائيلي السعودي.
ويشكك الكاتب في إمكانية نجاح هذا الجهد ليس فقط لان العديد من الديمقراطيين سيترددون في الموافقة على مثل هذه الصفقة. ولا ينبع ترددهم من التوتر التاريخي بين الحزب والسعوديين فحسب، بل أيضا من المخاوف من أن الصفقة قد تحول بشكل دائم دون التوصل إلى حل إسرائيلي فلسطيني مرض. بالإضافة إلى ذلك، يشعر بعض الديمقراطيين بالقلق من مكافأة الحكومة الإسرائيلية التي تهدد تغييراتها القضائية المثيرة للجدل اقتصاد البلاد وتماسكها الاجتماعي وديمقراطيتها.
ويتابع الباحث، على الجانب الجمهوري من الممر، من غير الواضح عدد أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيكونون على استعداد لدعم مبادرة يقودها بايدن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وفي الوقت نفسه، تكهن البعض بأن بايدن ينظر إلى علاقات نتنياهو الوثيقة تقليديا مع الجمهوريين على أنها مساعدة محتملة في الفوز بالأصوات الرئيسية إذا تم التوصل إلى اتفاق في مجلس الشيوخ.
النتائج
الإمكانات الهائلة للصفقة السعودية لم تترك لبايدن ونتنياهو خيارا سوى الاجتماع ومناقشة القضايا الأساسية، على الرغم من خلافاتهما حول الاضطرابات الداخلية في إسرائيل والسياسة الفلسطينية. إن تمرير معاهدة دفاع رسمية مع المملكة العربية السعودية سيتطلب استراتيجية واسعة النطاق للوصول إلى عتبة الثلثين المطلوبة في مجلس الشيوخ. ومن المرجح أن يصف بايدن ذلك بمثابة ‘ تحول نيكسون نحو الصين’، بدعوى أن شخصا واحداً فقط من يسار الوسط في الطيف السياسي الأمريكي يمكنه تحقيق مثل هذا الاختراق، لأن الإدارة الجمهورية لا يمكنها حشد ما يكفي من الدعم الديمقراطي. وعلى هذا النحو،
يحتاج نتنياهو إلى بايدن من أجل تحقيق التطبيع السعودي. ومع ذلك، فإن هذا الاعتماد يسير في كلا الاتجاهين – ويبدو أن نتنياهو ألمح سرا إلى أن بايدن يحتاج إلى دعمه بين الجمهوريين لتمرير صفقة. وعلى أي حال، فإن دفع المكونات المختلفة للصفقة الضخمة المتصورة وتأمين أغلبية عظمى في مجلس الشيوخ سيتطلب دبلوماسية قوية وحذرة من جميع المعنيين.
المصدر
https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/saudi-dealmaking-top-biden-and-netanyahus-new-york-agenda#utm_term=READ%20THIS%20ITEM%20ON%20OUR%20WEBSITE&utm_campaign=Biden-Netanyahu%20Meeting%20to%20Focus%20on%20Saudi%20Megadeal%20%28PolicyWatch%203785%29&utm_content=email&utm_source=Act-On+Software&utm_medium=email&cm_mmc=Act-On%20Software-_-email-_-Biden-Netanyahu%20Meeting%20to%20Focus%20on%20Saudi%20Megadeal%20%28PolicyWatch%203785%29-_-READ%20THIS%20ITEM%20ON%20OUR%20WEBSITE
الصفقات السعودية الامريكية في نيويورك